قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم:" انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"
قال ابن جريروغيره : هذا حديث جامع لأنواع من الخير ، لأن الإنسان إذا رأى من فضل عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه . هذا هو الموجود فيغالب الناس . وأماإذا نظر في أمور الدنيا إلى من هو دونه فيها ظهرت له نعمة الله تعالى عليه ، فشكرها، وتواضع ، وفعل فيه الخير.
وهذا الصنف من الناس أشار إليه رسول الله حينما سئل: أي الناس أفضل؟قال : " كل مخموم القلب صدوق اللسان "قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟قال: " هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد"
فحين يشيع مجال التنافس الشريف بين أفراد المجتمع في الخيرات، لايتطلع المرء إلا للحاق بمن يفوقه ورعا وعبادة، ودعوة وجهادا، والذين يمدون أعينهم إلى ما متع به الله بعض خلقه، فتحدثهم أنفسهم بأن يسابقوهم في الاشتغال بالتكاثر من النعم، أو بالنظر إليهم نظرة الحسد المقيت يردهم هذا الحديث إلى التمسك بالأخلاق الإسلامية، فلا يكتمل الإيمان في قلب من انحرف به التنافس غير الشريف إلى الحسد كما في قوله صلى الله عليه وسلم:" .. لا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد ".. وقال الحسن البصري:" إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة ".. وقال عمر بن عبد العزيزفي حجة حجها عند دفع الناس من عرفة:"ليس السابق اليوم من سبق به بعيره، إنما السابق من غُفر له"
الله أكبر، أين التنافس في الطاعات؟.. أين التنافس في الخيرات؟.